الأدب العبري بين معاني العنصرية والقيام على مبدأ القتل والترهيب
التاريخ: 2008-06-25 22:22:33
** فلسطين اليوم
صفة الإجرام المطلق عبر الإبادة التامة للفلسطينيين كانت جوهر العديد من الكتب سواء في الأدب أو الأيديولوجية الإسرائيلية التي صدرت منذ بدايات القرن الماضي, والتي جاءت ممهدة ومرافقة لإعلان دولة اسرائيل على ارض فلسطين.
فقد قال مناحيم بيجين في كتابه "الثورة" : ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون أن لا تلينوا أبدا عندما تقتلون أعداءكم, ينبغي أن لا تأخذكم بهم رحمة حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية التي سنبني على أنقاضها حضارتنا. في حين كان لبنيامين نتانياهو هو الآخر قولاً في كتابه " مكان تحت الشمس " ذكر فيه " أننا لا نؤمن بوسيلة سوى القوة والعنف والإرهاب الدموي بأبشع أشكاله من أجل تحقيق أهدافنا وأفكارنا ومعتقداتنا في أرض إسرائيل الكاملة أو في الدولة اليهودية ". هذا على صعيد تصريحات وأفكار سياسيي إسرائيل.
الشخصية العربية في الأدب العبري
ومن الجانب الأدبي ومتناوليه من كتاب وأدباء اسرائيل فكان هو الآخر ينصب في نفس المضمون من حيث أسلوب العنف والتحقير المتناول مع العرب, إضافة الى تشويه صورة العربي في القصة والرواية الإسرائيلية وهذا ما اكده الدكتور سلطان المعاني عندما ابدى رأيه في مدى بشاعة الصورة التي تناولها الادب العبري للشخصية العربية بقوله: ان الادب العبري سواء على صعيد القصة او الرواية يأخذ طابعاً يحاول من خلاله وضع هيكلية للثقافة العبرية القائمة على الصدامية مع الآخر, والاخر هو في الغالب العربي المسلم.
فقد صور العربي بأبشع صورة, ومثله كشخص غير قادر على المعايشة الدينية والحضارية وبهذا كانت صورة العربي صورة ظلامية افرزت الحقد الديني والحضاري المتمثل بالصهيونية تجاه العرب ويضيف المعاني بأن من المناسب ان يكون العنوان الاكبروالاصح هو تسمية الادب العبري باسم "ادب العنصرية" لأنه تورط في مسألة العنصرية لذا لايمكن ان تعده أدبا عالمياً خلاقاً ذا سمات نبيلة بل هو ادب متعنصر مغرق بالذاتية وهو ادب مؤدلج ادلجة مزيفة لا تقام على حقائق بل تقوم على الوهم وخلق معتقد زائف, وهو ايضاً ادب لا يوصي بأخلاقيات تحمل حدود وسمات خاصة انما هو ادب مفتوح بمعنى انه يقحم الاخر تماماً كما تقتحم الدبابة وله اهدافه السلطوية من خلال تهميشه وسلب مستحقات الاخر كما انه ادب تحريضي قائم على مبدأ القتل والترهيب. ولم يكن رأي الكاتب الصحافي والباحث في الشأن الفلسطيني نواف الزرو بعيداً عن رأي المعاني عندما تحدث عن الادب العبري وكيف تناول الشخصية العربية في تفاصيله الادبية بقوله ان صورة العربي في الادب العبري كانت دائماً صورة في منتهى السوء فقد كان العربي ضمن الادبيات الصهيونية يتناوله على انه حتى اقل من ان يطلق عليه انسان.
ويضيف الزرو قائلاً : واذكر جملة المصطلحات اليهودية التي يستخدمونها حتى اليوم في المناهج التعليمية والثقافية والكتب الادبية مثل مقولة جولدامائير التي صرحت بها وكانت قد اعربت في كلمتها بأنها تشعر بالقلق عند ولادة كل طفل فلسطيني كما كانوا يذكرون في شعاراتهم عند جمع تبرعات من يهود العالم" ادفع دولاراً تقتل عربياً" وهذاعلى سبيل المثال لا الحصرلأنهم يعتبرون السكان العرب في فلسطين مجرد حطابين وسقائين وكانوا يعتبرون المواطن العربي في دولتهم مجرد عامل يقوم بالاعمال السوداء القذرة اما العربي الطيب والجيد بالنسبة لليهود هو العربي الميت بمعنى ان العربي الجيد يجب ان يقتل وان يشطب تماماً من الوجود كما يعتبرون العرب بقايا شعوب العالم. ولصوص, مخربون وارهابيون ورجال عصابات وكذلك مواطنون من الدرجة الثالثة والرابعة كل هذه المفردات والمصطلحات المدجج بها القاموس الثقافي والادبي اليهودي الصهيوني شكلت ارضية ثقافية تربوية للاجيال اليهودية المختلفة وشكلت اساساً لتكوين وبلورة سياساتهم الارهابية الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني فمن السهل جداً ان يرتكبوا مذبحة جماعية ضد اطفال فلسطين او نساء فلسطين اورجال فلسطين لان ادبياتهم صورت لهم ان الانسان العربي الفلسطيني مجرد حيوان.
كما يشير الزرو بحديثه عن الادبيات الاسرائيلة ومدى انتقاصها من الشخصية العربية منوهاً ان هذه الادبيات تحولت عند التطبيق العملي على الارض الفلسطينية الى صكوك حرمان.و ان هناك الاف الكتب المخصصة لتعليم الاطفال اليهود كلها تتحدث عن العربي على انه مجرم وارهابي وقاس ولايمكن التعامل معه الا من خلال القوة وفوهة البندقية, وتمتد مساحة الادب العبري الى كافة القطاعات الثقافية والادبية والتعليمة كذلك المسرح الاسرائيلي تناول العربي بشكل سيئ.اما علماء الاثار اليهود الذين مازالوا حتى اليوم ومنذ سنين طوال يسعون جاهدين الى استخراج ادلة تؤكد الوجود اليهودي قبل العربي والاسلامي الا انهم حتى الان لم يعثروا على شيء يؤكد وجودهم خاصة في مدينة القدس ويؤكد الزرو بأن لديه كم هائل من الادبيات لكبار حاخامات اليهود يدلون فيها بفتاوي تشرع "قتل الانسان العربي بلا رحمة".
القضية الفلسطينية في بدايات الادب العبري
اراد الدكتور المعاني من حديثه العودة بنا الى بدايات الادب العبري وكيف كان ممهداً لقضايا عديدة صهيونية الغاية منها التهجير والعودة الى ارض الميعاد كما يسمونها وذلك من خلال قوله: اذا تحدثنا عن بدايات الادب فنحن نعود الى شرق اوروبا ومنذ بداية القرن العشرين حيث كان عدد اليهود في فلسطين لايزيد على عشرة الاف حتى بدأت الهجرة الاولى عام 1882 ثم الهجرة الثانية 1907 حيث بدأ عددهم بالتزايد ومنذ الفترة مابين 1920 وفيما بعد بدأ الاتجاه الثقافي للأدب العبري يتبلور مع الحركة الثقافية في اوروبا وفي تلك الفترة تبلور نقاش ثقافي عبري ولكنه لم يناقش الواقع الفلسطيني. لكن بعد ذلك بقليل بدأت هذه القضايا تظهر جلية في الادب العبري مثل ماذكره الكاتب والناقد اليهودي "شاكيد جرشون" في احدى جمله ذات البعد الادبي بقوله "مضى على وجودي في فلسطين عشر سنوات ولكن روحي مازالت هائمة في المنفى" ومن تلك المرحلة بدأ الادب يدخل في مرحلة اشراك القضية الفلسطينية بوصف الطبيعة الفلسطينية سواء للارض او الانسان الفلسطيني او العربي بصورة اوسع على انه شخص ليس له حظ من الحضارة وانه متخلف, رجعي. ويؤكد المعاني ان هذا الادب في مرحلة من المراحل حيث بدأ يمثل الصراع بين الفلسطيني والقادم الجديد وهؤلاء الكتاب سواء ممن كانوا من رواد الادب العبري او ممن رصدوا حالة الصراع اليومي القائم بين القادم الجديد والسكان لكن الادب العبري لم يستطع التخلي عن فكرة انه طارىء وغريب ولم يتعاط سوى الاساطير المحشوة بين ثنايا التلمود والتوارة حيث دخلت بطابع المباشرة والرومانسية واستجداء العواطف وهذا ما افقده قيمته الادبية فهي اشبه برسائل سياسية وانانيةحاول اثبات الاضطهاد اليهودي الذي عاشوه في المراحل التأريخية ويضيف المعاني قائلاً إنه بدأت بعد ذلك تبرز احداث سياسية ذات ابعاد امنية وسياسية افرزها الادب العبري في نتاجه وكانت تلك الفترة هي فترة المخاض لقيام الدولة اليهودية في فلسطين وهذا الانتاج الادبي الذي نشأ في ظل الوهم والقمع الممارس تاريخياً. هذا الامرالذي جعل الادب العبري ينكفئ على ذاته ولايعترف بوجود الاخر ويقزمه ويعلي من الانا.
ويشير الزرو ان بامكاننا القول ان انطلاقة الحركة الصهيونية في مشروع اقامة دولة اليهود مستندة الى عدة اساطير, ولكن الحركة الصهيونية لم تكتف بذلك بل تبنت جملة من اليات العمل الاجرامية من اجل اقامة تلك الدولة. وفي مقدمة اليات العمل هو الاستيلاء على اكبر كم ممكن من الارض الفلسطينية ثم تهجير اكبر عدد ممكن من يهود العالم الى فلسطين وبناء المستعمرات الاستيطانية بالجسم الفلسطيني ثم تهجير اكبر عدد ممكن من اهل فلسطين الى الخارج ولهذا فان تلك الدولة تقوم على الاساطير والعمل الاجرامي. اما فيما يتعلق بالارض الفلسطينية فهم يعتبرون في ادبياتهم ان فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض. اي انهم يدعون انهم جاءوا الى فلسطين وهي كانت ارض مقفرة خالية من السكان العرب وهذا زعم باطل خال من الصحة فكل المعطيات والادلة التاريخية تثبت ان الشعب العربي الفلسطيني كان موجود اً وقائماً وراسخاً في ارض فلسطين وفيما يتعلق بالشعب الفلسطيني فهم كانوا ينفون وجوده بالاصل ويعملون حتى اليوم على الغاء ليس فقط حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في ارضه فلسطين وانما حتى شطب المصطلحات المتعلقة بهذا الحق الفلسطيني مثل مصطلح النكبة.
حيث افاد نواف الزرو في حديثه بأن هناك مايؤكد بأن وزيرة الخارجية الاسرائيلية لفني كانت قد شنت هجوماً على مصطلح النكبة وطالبت السلطات الفلسطينية بشطب مصطلح النكبة من القاموس السياسي الفلسطيني اذا ارادت السلطة الفلسطينية اقامة دولة فلسطينية وبعثت برسالة شديدة اللهجة الى الامم المتحدة والى الامين العام للأمم المتحدة"بنكيمون"تنتقده على إدلائه تصريحا في ذكرى النكبة ذكر فيه مصطلح النكبة وطالبت بشطب مصطلح النكبة من المواثيق والقرارات الاممية.
ويضيف الزرو مشيراً بقوله الى انني قرأت مؤخراً وعلى سبيل المثال بأن هناك لجنة فلسطينية اسرائيلية مشتركة تشكلت ضمن اطار المفاوضات السرية من اجل شطب كافة المفردات والمصطلحات من مناهج التعليم الفلسطيني في الضفة الغربية وهذا تطور بمنتهى الخطورة واعتقد ان السلطة الفلسطينية تقع في خطيئة لا تغتفر في هذه المسألة.
لمحات من الأدب العبري
الأدب الإسرائيلي الذي هو بمثابة محصلة لكل الادب سواء كان يهودياً او صهيونيا وحتى عبريا صور في اغلب الاحيان الشخص العربي في أبشع صورة, فقد كان العربي في الأدب العبري يشكل نموذجاً لمن تسيطر عليه نزعات الشر والعدوان, ويهدد كيان إسرائيل كما يصور العربي على انه قاتل بحيث أصبحت الجريمة طبيعة له, وهومتخلف, ومستعد دائماً للاستسلام كما في رواية آرثر كوستلر (لصوص في الليل) فهو يقدم سكان قرية عربية كاملة على أنهم أميون وساذجون. اما في قصة "المحراث" لمؤلفها "إليعزر سمولي", الذي يقول على لسان بطلها: "كان عددنا قليلاً, وليس لدينا أكثر من براكتين مكشوفتين, ومن حولنا اثنا عشر ألفاً من العرب المهاجمين والمجهزين بالمدافع والبنادق". اما نتيجة المعركة فهي بعيدة تماماً عن الواقع, حيث يعجز الآلاف من العرب المتجمهرين عن إخافة اليهود. كما ان هناك اعتقاد بأن يكون العام 1667 في نص ملحمة"الفردوس المفقود" للشاعر الانجليزي" ميلتوت" يحتوي على اول نص ادبي اوروبي يتضمن إشارات صهيونية وهذا يعني ولادة النص الادبي قد سبقت ولادة الحركة الصهيونية بأكثر من مئتي سنة وذلك وفق ما ذكره الكاتب محمد الصواف في احد كتبه التي ناقشت نشأة الصهيونية ادبياً. ومن اكثر الأعمال الأدبية الصهيونية التي اعتبرت بأنها اكثر الروايات اليهودية التي تظهر مدى ضرورة ابادة العرب لخطرهم الدائم على اسرائيل هي الرواية "فيما لو خسرت إسرائيل الحرب" التي حاول مؤلفوها الثلاثة "تشيسنوف, كالين, ليتل" عرض عدوان حزيران ,1967 بنتيجة معكوسة, بحيث يظهر العرب فيه منتصرين على إسرائيل, تظهرما اذا كان سيصيب الإسرائيليين من اضطهاد وقتل ودمار فيما لو انتصر العرب عليهم في أي معركة مقبلة.
وقد ذكر احد النقاد الصهاينة وصف الادب العبري بانه الوحيد الذي استطاع ان ينشىء دولة.